الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب ***
أنشد فيه، وهو الشاهد التاسع بعد المائتين وستّوك قد كربت تكمل على أن العدد الذي في آخره النون يضاف إلى صاحبه أكثر من إضافته إلى المميز، أي: قرب أن يكمل ستون سنة من عمرك. وهذا المصراع من قصيدة للكميت بن زيد، مدح بها عبد الرحمن بن عنبسة بن سعيد بن العاص بن أمية. وأولها: أ أبكاك بالعرف المنزل *** وما أنت والطلل المحول وما أنت ويك ورسم الديار *** وستوك قد كربت تكمل قال الأصبهاني في الأغاني: كان بين بني أسد وبين طيئ حرب، فاصطلحوا وبقي لطيئ دم رجلين، فاحتمل ذلك رجل من بني أسد، فمات قبل أن يوّفيه. فاحتمله الكميت، فأعانه فيه عبد الرحمن بن عنبسة، فمدحه الكميت، فأعانه فيه عبد الرحمن بن عنبسة، فمدحه الكميت بهذه القصيدة؛ وأعانه الحكم بن الصلت الثقفي، فمدحه بقصيدته التي أولها: رأيت الغواني وحشاً نفورا وأعانه زياد بن المغفل الأسدي فمدحه بقصيدته التي أولها: هل للشباب الذي قد فات من طلب ثم جلس الكميت، وقد خرج العطاء. فأقبل الرجل يعطي الكميت المائتين والثلثمائة وأكثر وأقلّ؛ كانت دية الأعرابي ألف بعير، ودية الحضري عشرة آلاف درهم؛ وكانت قيمة الجمل عشرة دراهم، فأدّى الكميت عشرين ألفاً عن قيمة ألفي بعير. فقوله: أأبكاك؟، يخاطب نفسه ويقرره مستفهماً. والعرف، بضم العين والراء المهملتين: موضع. والمنزل: فاعل أبكاك؛ قال الزمخشري في كتاب الأمكنة والمياه. عرفة الأملح، وعرفة رقد، وعرفة اعيار: مواضع تسمّى العرف. وأنشد بيت الكميت. وفي المحكم لابن سيده: العرف بضمتين موضع، وقيل جبل. وأنشد البيت أيضاً. وكذا ضبطه أبو عبيد البكريّ في معجم ما استعجم، وقال: هو ماء لبني أسد. وأنشد البيت، وقال: ويخفّف بسكون الراء، قال عباس بن مرداس: خفافيّة بطن العقيق مصيفه *** وتحتلّ في البادين وجرة والعرفا فدلّ قول عباس أن العرف بوادي بني خفاف. وقوله: وما أنت الخ، استفهام توبيخيّ ينكر بكاءه، وهو شيخ، على الأطلال. والطّلل: الشاخص من آثار الدار، وشخص كل شيء. والمحول: اسم فاعل من أحول الشيء: إذا مرّ عليه حول، وهي السنة. ويك: كلمة تفجّع، وأصله ويلك. وستّوك مبتدأ، وما بعده خبره، والجملة حالية. وكرب بفتح الراء كروباً: دنا. وكرب من أخوات كاد تعمل عملها، واسمها ضمير الستين. وجملة تكمل في موضع نصب خبرها. وترجمة الكميت بن زيد تقدمت في الشاهد السادس عشر. وأشد بعده: وهو الشاهد العاشر بعد المائتين فيا لك من ليل كأن نجومه *** بكلّ مغار الفتل شدّت بيذبل على أن قوله من ليل تمييز عن المفرد الذي هو الضمير المبهم في قوله يا لك. وفيه أن الضمير غي رمبهم، لتقدم مرجعه في البيت قبله، وهو قوله: ألا أيها الليل الطويل كما يأتي، فالتمييز فيه عن النسبة لا عن المفرد، ومن لبيان الجنس. وقال المرادي في شرح الألفية: من زائدة في الكلام الموجب، ولهذا يعطف على موضع مجرورها بالنصب، كقول الحطيئة: يا سنه من قوام ومنتقبا وصحح هذا أبو حيان في الارتشاف. ويا: حرف نداء؛ واللام للتعجب تدخل على المنادى إذا تعجّب منه. ولأجل هذا اورد ابن هشام هذا البيت في المغني؛ قال في شرح بانت سعاد: الأصل يا إياك ويا أنت، ثم لمّا دخلت عليه لام الجر للتعجب انقلب الضمير المنفصل، المنصوب والمرفوع، ضميراً متصلاً مخفوضاً. وأورده المراديّ في شرح الألفية على ان اللام فيه للاستغاثة، استغاث به منه لطوله، كأنه قال: يا ليل ما أطولك! قال ابن هشام: وإذا قيل يا لزيد بفتح اللام فهو مستغاث، فإن كسرت فهو مستغاث لأجله، والمستغاث محذوف، فإن قيل يا لك احتمل الوجهين. والباء في قوله: بكل متعلّقة بشدّت. والمغار بضمّ الميم: اسم مفعول بمعنى المحكم، من أغرت الحبل إغارة: إذا أحكمت فتله. ويذبل: اسم جبل، لا ينصرف للعلمية ووزن الفعل، وصرفه للضرورة. يقول: إن نجوم الليل لا تفارق محالّها، فكأنها مربوطة بكلّ حبل محكم الفتل في هذا الحبل. وإنما استطال الليل لمقاساة الأحزان فيه. وهذا البيت من معلّقة امرئ القيس المشهورة. وفيها خمسة أبيات في وصف الليل، وهي: وليل كموج البحر أرخى سدوله *** عليّ بأنواع الهموم ليبتلي فقلت له لمّا تمطى بصلبه *** وأردف أعجازاً وناء بكلكل ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي *** بصبح وما الإصباح منك بأمثل فيا لك من ليل كأن نجومه كأن الثريا علّقت في مصامه *** بأمراس كتان إلى صمّ جندل فقوله: وليل، الواو واو ربّ. والسدول: الستور، جمع سدل؛ وسدل ثوبه: إذا أرخاه. يقول: ربّ ليل يحاكي أمواج البحر في توحشه وهوله، وقد أرخى عليّ ستور ظلامه مع أنواع الحزن ليختبرني: أأصبر أم أجزع! وهذا، بعد ان تغزّل، تمدّح بالصبر والجلد. وقوله: ف4لت له لما تمطى الخ، تمطى: امتد. وناء: نهض. والكلكل: الصدر. والأعجاز: الأواخر، جمع عجز؛ وهو من استعمال الجمع موضع الواحد. وقد استشهد ابن مالك بهذا البيت على ان الواو لا تدلّ على الترتيب، لأن البعير ينهض بكلكله، والأصل: فقلت له لمّا ناء بكلكله وتمطّى بصلبه وأردف أعجازه. وقوله: ألا أيها الليل الطويل الخ، انجلي: أمر بمعنى انكشف؛ والياء إشباع. والإصباح: الصباح. والأمثل: الأفضل. وأورد هذا البيت في تلخيص المفتاح على أن صيغة الأمر فيه للتمني، ومعناه تمنى زوال ظلام الليل بضياء الصبح؛ ثم قال: وليس الصباح بأفضل منك عندي، لاستوائهما في مقاساة الهموم، ولأن نهاره يظلم في عينه لتوارد الهموم. فليس الغرض طلب الانجلاء من الليل لأنه لا يقدر عليه، لكنه يتمناه تخلّصاً مما يعرض له فيه، ولاستطالة تلك الليلة كأنه لا يرتقب انجلاءها ولا يتوقعه. فلهذا حمل على التمني دون التراخي. قال الإمام الباقلاني، في إعجاز القرآن: ومما يعدونه من محاسن هذه القصيدة هذه الأبيات الثلاثة، وكان يعضهم يعارضها بقول النابغة: كليني لهمّ يا أميمة ناصب *** وليل أقاسيه بطيء الكواكب وصدر أراح الليل عازب همه *** تضاعف فيه الحزن من كلّ جانب تقاعس حتى قلت ليس بمنقض *** وليس الذي يتلو النجوم بآيب وقد جرى ذلك بين يدي بعض الخلفاء، فقدّمت أبيات امرئ القيس واستحسن استعارتها، وقد جعل لليل صدراً يثقل تنحّيه، ويبطئ تقضّيه؛ وجعل له أردافاً كثيرة. وجعل له صلباً يمتدّ ويتطاول. ورأوا هذا بخلاف ما يستعيره أبو تمام من الاستعارات الوحشية البعيدة المستنكرة. ورأوا أن الألفاظ جميلة. واعلم أن هذا صالح جميل، وليس من الباب الذي يقال إنه متناه عجيب. وفيه إلمام بالتكلف، ودخول في التعمّل انتهى. وقوله: كأن الثريا علقت الخ، المصام بفتح الميم: موضع الوقوف. والأمراس: الحبال، جمع مرس محركة. والجندل: الحجارة. يقول: كأن الثريا مشدودةً بحبال إلى حجارة، فليست تمضي. قال العسكري في التصحيف: ومما خالف فيه ابن الأعرابي الأصمعي في المعنى لا في اللفظ، قوله: كأن الثريا علقت فالهاء في مصامها عند الأصمعي ترجع إلى الثريا. ومعنى مصامها: موضعها ومقامها. وهو يصفالليل وأن نجومه لا تسير، من طوله، فكأن لها أواخي في الأرض تحبسها. هذا مذهب الأصمعي. و(ايت هذا البيت في نوادر ابن الأعرابي وفسره بتفسير عجيب، فقال ورواه: كأن نجوماً علقت في مصامه ثم فسر وقال: شبه ما بين الحوافر وجثمانه، بالأمراس، وضم جندل، يعني جثمانه. فأخذ هذا البيت وصيره في وصف الفرس، وحمله على أنه بعد: وقد أغتدي والطير في وكناته *** بمنجرد قيد الأوابد هيكل وترجمة امرئ القيس قد تقدمت في الشاهد التاسع والأربعين. وأنشد بعده: وهو الشاهد الحادي عشر بعد المائتين ويلمّها روحة والرّيح معصفة *** والغيث مرتجز والليل مقترب لما تقدم قبله، أعني كون التمييز يكون عن المفرد إذا كان الضمير مبهماً لا يعرف المقصود منه؛ فإن الضمير في ويلمّها لم يتقدم له مرجع، فهو مبهم، ففسره بقوله: روحة: فهو تمييز عن المفرد، أي: ويلمّ هذه الروحة في حال عصف الريح. فجملة والريح معصفة حال. ومعصفة: شديدة، يقال: أعصفت الريح وعصفت، لغتان؛ والغيث هنا: الغيم. ومرتجز: مصوّت، يريد صوت الرعد والمطر. ومقترب: قد قرب. وهذا البيت من قصيدة طويلة جداً لذي الرمة. وهذا البيت من أواخرها. شبّه بعيره بالنعام في شدّة العدو، ثم وصف النعام بما يقتضي شدة إسراعه فقال: حتى إذا الهيق أمسى شام أفرخه *** وهنّ لا مؤيس نأياً ولا كثب يرقدّ في ظلّ عرّاص ويطرده *** حفيف نافجة عنوانها حصب تبري له صعلة خرجاء خاضعة *** فالخرق دون بنات البيض منتهب كأنها دلو بئر جدّ ماتحه *** حتى إذا ما رآها خانها الكرب ويلمّها روحة لا يذخران من الإيغال باقية *** حتى تكاد تفرّى عنهما الأهب الهيق، بالفتح: ذكر النعام. وشام: نظر إلى ناحية فراخه. وأفرخ: جمع فرخ. وهنّ، أي: الأفرخ. والنأي: البعد. والكثب، بفتح الكاف والمثلثة القرب. يقول: موضعهن ليس منه بالبعيد الذي يؤيسه من أن يطلبهن، أي: يحمله على اليأس، ولا بالقريب فيفتر. وقوله: يرقد، أي: يعدو الهيق عدواً شديداً. والعرّاص، بمهملات: غيم كثير البرق. والحفيف، بإهمال الأول: صوت الريح. والنافجة: الريح الشديدة الباردة. وعنوانها: أوائلها. وحصب، بفتح فكسر: فيه تراب وحصباء؛ وهذا مما يوجب الإسراع إلى المأوى. وقوله: تبري له صعلة الخ، تبري: تعرض لهذا الهيق. صعلة: نعامة دقيقة العنق وصغيرة الرأس. خرجاء: مؤنث الأخرج، وهو ما فيه سواد وبياض. خاضعة: فيها طمأنينة. والخرق، بالفتح: الأرض البعيدة، تنخرق فيها الرياح. وبنات البيض: الفراخ، لأنها تخرج من البيضة. يقول: الهيق والصعلة يعدوان عدواً شديداً كأنهما ينتهبان الأرض انتهاباً، كأنهما يأكلانها، من شدة العدو، فهما يركضان إلى فراخهما خائفين البرد والمطر وغيرهما. وقوله: كأنها دلو الخ، أي: كأن هذه الصعلة دلو انقطع حبلها بعد أن وصلت إلى فم البئر فمضت تهوي، شبّهها بهذه الدلو التي هوت إلى أسفل. وجدّ: اجتهد. والماتح، بالمثناة الفوقية: المستقي من البئر بالدلو. والكرب: العقد الذي على عراقيّ الدلو؛ والعراقيّ: العودان اللذان في وسط الدلو. والمراد بخانها الكرب، انقطع. وقوله: ويلمّها روحة الخ، أي: ويل أم هذه الروحة. وإنما لم يجز أن يعود الضمير على صعلة، كما عاد عليها ضمير كأنها في البيت المتقدم، لأنه قد فسّر بروحة، والتفسير يجب أن يكون عين المفسّر، والروحة غير الصعلة؛ فلا يفسّرها. ولو قال: ويلمّها رائحة، لكان مرجع الضمير معلوماً: من صعلة، وكان من تمييز النسبة لا المفرد. والروحة: مصدر راح يروح رواحاً وروحة: نقيض غدا يغدو غدوّاً. والرواح أيضاً: اسم للوقت من زوال الشمس إلى الليل. وقوله: لا يذخران، أي: لا يبقيانن يعني الهيق والصعلة. والإيغال: الجدّ في العدو. والباقية: البقية. وتفرّى: تشقق. والأهب، بضمتين: جمع إهاب، أراد جلودهما. وهذا غاية في شدة العدو. واعلم أنّ قولهم: ويلمّه وويلمّها، قال ابن الشجريّ: يروى بكسر اللام وضمّها، والأصل ويل لأمّه، فحذف التنوين، فالتقى مثلان: لام ويل ولام الخفض، فأسكنت الأولى وأدغمت في الثانية فصار ويلّ أمّ مشدداً واللام مكسورة، فخفّف - بعد حذف الهمزة - بحذف إحدى اللامين. فأبوا عليّ ومن أخذ أخذه نصّوا على أن المحذوف اللام المدغمة، فأقرّوا لام الخفض على كسرتها؛ وآخرون نصّوا على أن المحذوفة لام الخفض، وحرّكوا اللام الباقية بالضمة التي كانت لها في الأصل. انتهى. قال أبو عليّ في الإيضاح الشعري: حذف الهمزة من أمّ في هذا الموضع لازم، على غير قياس، كقوله: يابا المغيرة والدنيا مفجّعة ثم سئل لم لا يجوز أن يكون الأصل وي لامّه، فتكون اللام جارّة ووي التعجّب؟ فأجاب بأن الذي يدلّ على أن الأصل ويل لأمه، والهمزة من أمّ محذوفة قول الشاعر: لأم الأرض ويل ما أجنت *** غداة أضرّ بالحسن السبيل وقال ابن السيد، في شرح شواهد أدب الكاتب: ويلمه بكسر اللام وضمّها: فالضم أجاز فيه ابن جني وجهين: أحدهما: أنه حذف الهمزة واللام وألقى ضمّة الهمزة على لام الجرّ، كما روي عنهم الحمد لله بضم لام الجر. وثانيهما: أن يكون حذف الهمزة ولام الجر، وتكون اللام المسموعة هي لام ويل. وأما كسر اللام ففيها ثلاثة أوجه: أحدهما أن يكون أراد ويل أمه، بنصب ويل وإضافته إلى الأم، ثم حذف الهمزة لكثرة الاستعمال، وكسر لام ويل إتباعاً لكسرة الميم. والثاني: أم يكون أراد ويل لأمه، برفع ويل على الابتداء ولأمه خبره، وحذف لام ويل وهمزة أم، كما قالوا أيش لك، يريدون أي شيء. فاللام المسموعة على هذا لام الجر. والثالث: أن يكون الأصل ويل لأمه، فيكون على هذا قد حذف همزة أم لا غير؛ وهذا عندي أحسن هذه الأوجه، لأنه أقل للحذف والتغيير. وأجاز ابن جنًي أن تكون اللام المسموعة هي لام ويل، على أن يكون حذف همزة أم ولام الجر وكسر لام ويل إتباعاً لكسرة الميم. وهذا بعيد جداً. هذا إعلالها. وأما معناها فهو مدح خرج بلفظ الذم: والعرب تستعمل لفظ الذم في المدح، يقال: أخزاه الله ما أشعره! ولعنه الله ما أجرأه! وكذلك يستعملون لفظ المدح في الذم، يقال للأحمق: يا عاقل؛ وللجاهل: يا عالم: ومعنى هذا يا أيها العاقل عند نفسه وعند من يظنه عاقلاً. وأما قولهم: أخزاه الله ما أشعره! ونحو ذلك من المدح الذي يخرجونه بلفظ الذم فلهم في ذلك غرضان: أحدهما: أن الإنسان إذا رأى الشيء فأثنى عليه ونطق باستحسانه، فربما أصابه بالعين وأضر به، فيعدلون عن مدحه إلى ذمه لئلا يؤذوه. والثاني: أنهم يريدون أنه قد بلغ غاية الفضل وحصل في حد من يذم ويسب، لأن الفاضل يكثر حساده والمعادون له، والناقص لا يلتفت إليه: ولذلك كانوا يرفعون أنفسهم عن مهاجاة الخسيس ومجاوبة السفيه. وفي القاموس: رجل ويلمه، بكسر اللام وضمها، داه: ويقال للمستجاد: ويلمه، أي: ويل لمه، كقولهم: لا أب لك، فركبوه وجعلوه كالشيء الواحد ثم لحقته الهاء مبالغة كداهية. انتهى. وهذا استعمال ثان، جعل المركب في حكم الكلمة الواحدة: وليست الهاء في آخره ضميراً، بل هي هاء تأنيث للمبالغة، فلا تعريف: ولهذا يقع وصفاً للنكرة، قال أبو زيد في كتاب مسائية. يقال هو رجل ويلمّه. وروى ابن جنّي في سر الصناعة عن أبي علي عن الأصمعي أنه يقال: رجل ويلمّة. قال: وهو من قولهم: ويلمّ سعد سعدا والاشتقاق من الأصوات باب يطول استقصاؤه؛ وعلى هذا يجوز دخول لام التعريف عليه؛ قال الرياشي: الويلمة من الرجال: الداهية الشديد الذي لا يطاق. ولا يلتفت إلى قول أبي الحسن الأخفش - فيما كتبه على كتاب مسائية -: من كلام العرب السائر أن يقولوا للرجل الداهية: إنه لو يلمه صمحمحا، والصمحمح: الشديد، هذا هو المعروف؛ والذي حكاه أبو زيد غير ممتنع، جعله اسماً واحداً. فأعربه. فاما حكاية الرياشي: في إدخال الألف واللام على اسم مضاف، فلا أعلم له وجهاً. انتهى. أقول: الذي رواه عن العرب من قولهم: إنه لو يلمه صمحمحا، غير الذي قاله أبو زيد كما بيناه: فإنه جعل الكلمتان في حكم كلمة واحدة، فلا إضافة فيه، والهاء للمبالغة، والكلمة حينئذ نكرة، فيدخل عليها لام التعريف. فتأمل. وترجمة ذي الرمة تقدمت في الشاهد الثامن في أوائل الكتاب. وأنشد بعده: وهو الشاهد الثاني عشر بعد المائتين ويلم أيام الشباب معيشة *** مع الكثر يعطاه الفتى المتلف الندي على أن قوله: معيشة تمييز عن النسبة الحاصلة بالإضافة، كما بينه الشارح المحقق. وقوله: ويلم أيام الخ، دعاء في معنى التعجب، أي: ما ألذ الشباب مع الغنى. وقد بينا قبل هذا البيت أصلها ومعناها. قال الطبرسي في شرح الحماسة: ويل، إذا أضيفت بغير لام، فالوجه فيه النصب، تقول: ويل زيد، أي: ألزم الله زيداً ويلاً. فإذا أضيفت باللام فقيل: ويل لزيد، فالوجه أن ترفع على الابتداء. وجاز ذلك مع أنه نكرة، لأن معنى الدعاء منه مفهوم، والمعنى: الويل ثابت لزيد. فالأصل في البيت: ويل لأم لذات الشباب. قصد الشاعر إلى مدح الشباب وحمد لذاته بين لذات المعاش. وقد طاع لصاحبه الكثر - وهو كثرة المال - فاجتمع الغنى والشباب له وهو سخي. انتهى. وهذات البيت أول أبيات أربعة لعلقمة بن عبدة. وهي ثابتة في ديوانه. وقد اقتصر أبو تمام في الحماسة على البيت الأول والثاني، وهو: وقد يعقل القل الفتى دون همه *** وقد كان لولا القل طلاع أنجد ونسبهما لبعض بني أسد. ونسبهما في مختار أشعار القبائل، لابنه وهو خالد بن علقمة بن عبدة. ونسبهما بعضهم لابن ابنه، وهو عبد الرحمن بن علي بن علقمة بن عبدة. ونسبهما الأعلم الشنتمري في حماسته، لحميد بن سجار الضبي. وكذا هو في حاشية الصحاح منسوب لحميد. والكثر بضم الكاف ومثله القل: المال الكثير والمال القليل؛ يقال: ماله قل ولا كثر. قال أبو عبيد: سمعت أبا زيد يقول: الكثر، والكثير واحد. قال في الصحاح: هما بالضم والكسر. وقوله: مع الكثر، في موضع النصب صفة لمعيشة. وجملة يعطاه الخ، بالبناء للمفعول: حال من الكثر؛ والهاء ضمير الكثر، وهو المفعول الثاني للعطاء. والفتى نائب الفاعل، وهو مفعوله الأول. والمتلف، بالرفع: صفة للفتى؛ وكذلك الندي. وروي: يعطاها بضمير المؤنث على أنه عائد على المعيشة مع قيدها. والفتى قال في الصحاح: هو السخي الكريم؛ يقال: هو فتى بين الفتوة، وقد تفتى وتفاتى؛ والجمع فتيان، وفتية، وفتو على فعول، وفتي مثل عصي. والمتلف: المفرق لماله، يقال: رجل متلف لماله ومتلاف بالمبالغة. والندي: السخي، قال في الصحاح: وندوت من الجود، يقال: سن وللناس الندى فندوا بفتح الدال، ويقال: فلان ندي الكف: إذا كان سخياً. وقد روي في ديوانه البيت هكذا: ويل بلذات الشباب معيشة وروي أيضاً: فويلم لذات الشباب معيشة وقوله: وقد يعقل القل، من عقله، من باب ضرب، إذا منعه. والقل، بالضم فاعل، والفتى مفعول. وروي: وقد يقصر القل من قصره: إذا حبسه، ومن قصرت قيد البعير: إذا ضيقته، من باب دخل يدخل. وروي أيضاً: وقد يقعد القل من أقعده: إذا منعه من القيام لحاجته. والهم، بالفتح: أول العزيمة، قال ابن فارس: الهم: ما هممت به؛ وهممت بالشيء هماً، من باب قتل: إذا أردته ولم تفعله؛ ومثله الهمة بالكسر وبالتاء. وقد يطلق على العزم القوي، كذا في المصباح. ودون بمعنى قبل. وأنجد: جمع نجد، وهو ما ارتفع من الأرض. قال في الصحاح: ومنه قولهم فلان طلاع أنجد وطلاع الثنايا: إذا كان سامياً لمعالي الأمور. ومعنى هذا البيت قد تداوله الشعراء وتصرفوا فيه، منهم مسلم بن الوليد، فقال: عرف الحقوق وقصرت أمواله *** عنها وضاق بها الغني الباخل ومنه قول آخر: أرى نفسي تتوق إلى أمور *** يقصر دون مبلغهن مالي فلا نفسي تطاوعني ببخل *** ولا مالي يبلغني فعالي ومنه قول الآخر: رزقت لباً ولم أرزق مروءته *** وما المروءة إلا كثرة المال إذا أردت مساماة تقاعد بي *** عما أحاول منها رقة الحال وقريب منه قول الآخر: الناس اثنان في زمانك ذ *** لو تبتغي غير ذين لم تجد هذا بخيل وعنده سعة *** وذا جواد بغير ذات يد وأما البيتان الأخيران من الأبيات الأربعة فهما: وقد أقطع الخرق المخوف به الردى *** بعنس كجفن الفارسي المسرد كأن ذراعيها على الخل بعد م *** ونين ذراعا مائح متجرد والخرق، بالفتح: الأرض الواسعة التي تنخرق فيها الرياح. والردى: نائب فاعل المخوف. والعنس، بفتح العين وسكون النون: الناقة القوية الشديدة. والخل: مصدر خل لحمه خلاً وخلولاً، أي: قل ونحف، كذا في العباب. وقوله: ونين ، فعل ماض من الونى بالقصر وهو الضعف والفتور والكلال والإعياء. والمائح: الذي ينزل البئر فيملأ الدلو، وذلك إذا قل ماؤها؛ وفعله ماح يميح. وأما الماتح بالمثناة الفوقية، فهو مستقي الدلو. والمتجرد: المشمّر ثيابه. وعلقمة شاعر جاهلي، ونسبته - كما في الجمهرة لابن الكلبي والمؤتلف والمختلف للآمدي - علقمة بن عبدة بن ناشرة بن قيس بن عبيد بن ربيعة بن مالك بن زيد مناة بن تميم انتهى. وعبدة بفتح العين والباء؛ وأما عبدة بن الطبيب فهو بسكون الباء. كذا في الصحاح . والعبدة محركة بمعنى القوة، والسّمن، والبقاء، وصلاءة الطيب، والأنفة. قال صاحب المؤتلف والمختلف: علقمة في الشعراء جماعة ليسوا ممن أعتمد ذكره؛ ولكن أذكر علقمة الفحل، وعلقمة الخصي - وهما من ربيعة الجوع - فأما علقمة الفحل فهو علقمة بن عبدة... إلى آخر نسبه المذكور. ثم قال: وقيل له علقمة الفحل، من أجل رجل آخر يقال له علقمة الخصي. وأما علقمة الخصي، فهو علقمة بن سهل أحد بني ربيعة بن مالك بن زيد مناة ابن تميم؛ ذكر أبو يقظان أنه كان يكنى أبا الوضاح. قال: وكان له إسلام وقدر. ومان سبب خصائه أنه أسر باليمن، فهرب فظفر به، فهرب ثانية، فأخذ وخصي. وكان شاعراً؛ وهو القائل: يقول رجال من صديق وصاحب *** أراك أبا الوضاح أصبحت ثاويا فلا يعدم البانون بيتاً يكنهم *** ولا يعدم الميراث مني المواليا وخفّت عيون الباكيات وأقبلو *** إلى مالهم قد بنت عنه بماليا حراصاً على ما كنت أجمع قبلهم *** هنيئاً لهم جمعي وما كنت آليا.ه وقال غيره: إنما لقب بالفحل لأنه خلف على امرأة امرىء القيس لما حكمت له بأنه أشعر منه. وذلك ما حكاه الأصمعي: أن امرأة القيس لما هرب من المنذر بن ماء السماء، وجاور في طيء، تزوج امرأة منهم يقال لها أم جندب. ثم إن علقمة بن عبدة نزل عنده ضيفاً وتذاكر الشعر، فقال امرؤ القيس: أنا أشعر منك! وقال علقمة: أنا أشعر منك! واحتكما إلى امرأته أم جندب لتحكم بينهما، فقالت: قولا شعراً تصفان فيه الخيل على روي واحد. فقال امرؤ القيس: خليليّ مرّا بي على أمّ جندب *** لنقضي حاجات الفؤاد المعذب وقال علقمة: ذهبت من الهجران في كل مذهب *** ولم يك حقاً كل هذا التجنب ثم أنشداها جميعاً. فقالت لامرىء القيس: علقمة أشعر منك! قال: وكيف ذلك؟ قالت: لأنك قلت: فللسوط ألهوب وللساق درّة *** وللزجر منه وقع أهوج منعب فجهدت فرسك بسوطك ومريته بساقك، وقال علقمة: فأدركهن ثانياً من عنانه *** يمرّ كمرّ الرّائح المتحلّب فأدرك طريدته وهو ثان من عنان فرسه، لم يضربه بسوط، ولا مراه بساق، ولا زجره! قال: ما هو بأشعر مني، ولكنك له وامق! فطلّقها، فخلف عليها علقمة، فسمّي بذلك الفحل. وقد أورد ابن حجر في الإصابة ابنه، في المخضرمين، فيمن أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يره، قال: علي بن علقمة بن عبدة التميمي، ولد علقمة: الشاعر المشهور الذي يعرف بعلقمة الفحل، وكان من شعراء الجاهلية من أقران امرئ القيس. ولعليّ هذا ولد اسمه عبد الرحمن، ذكره المرزبانيّ في معجم الشعراء. فيلزم من ذلك أن يكون أبوه من أهل هذا القسم، لأن عبد الرحمن لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم. انتهى. وأنشد بعده: وهو الشاهد الثالث عشر بعد المائتين لله درّ أنوشروان من رجل *** ما كان أعرفه بالدّون والسفل على أن قوله: من رجل تمييز عن النسبة الحاصلة بالإضافة. وقد بينه الشارح المحقق رحمه الله تعالى. وأنوشروان هو أشهر ملوك الفرس وأحسنهم سيرةً وأخباراً. وهو أنوشروان ابن قباد ابن فيروز. وفي أيامه ولد النبي صلى الله عليه وسلم. وكان ملكاً جليلاً محبّباً للرعايا، فتح الأمصار العظيمة في الشرق، وأطاعته الملوك. وقتل مزدك الزنديق وأصحابه - وكان يقول بإباحة الفروج والأموال - فعظم في عيون الناس بقتله. وبنى المباني المشهورة، منها السور العظيم على جبل الفتح عند باب الأبواب، ومنها الإيوان العظيم الباقي الذكر؛ وليس هو المبتدئ بنائه، بل ابتدأ به سابور، وأنوشروان أتمّه وأتقنه، حتى صار من عجائب الدنيا؛ وانشق لولادة النبي صلى الله عليه وسلم. وأخبار أنوشروان مشهورة فلا نطيل بها. وقوله: ما كان أعرفه كان زائدة بين ما وفعل التعجب. والدون بمعنى الرديء، وهو صفة، ومنه ثوب دون؛ وقيل: مقلوب من الدنوّ؛ والأدنى: الرديء. وفي القاموس: أن الدون للشريف والخسيس، ضدّ. والسفل بكسر السين وفتح الفاء: جملة سفلة، بكسر الأول وسكون الثاني، والأصل فتح الأول وكسر الثاني نحو كلمة وكلمة. قال صاحب القاموس وسفلة الناس بالكسر، وكفرحة: أسافلهم وغوغاؤهم؛ وسفلة البعير، كفرحة: قوائمه اتنهى. والأوّل مستعار من الثاني؛ وأصل الأوّل كفرحة، وقد يخفف بحذف حركة الأول ونقل الكسر إليه، كما يقال. في لبنة لبنة؛ وأن أسفله جمع سفيل، كعيلة جمع علي؛ كذا في الأساس. والفعل سفل ككرم سفالة، بالفتح، أي: نذل نذالة. وأما السفلة بالتحريك فهو جمع سافل. وقول مكانس: واترك كلام السفله *** والنكتة المبتذلة يجوز أن يقرأ بفتحتين وبفتحة فكسرة. قال في المصباح: سفل سفولاً، من باب قعد قعد، وسفل من باب قرب، لغة: صار أسفل من غيره، فهو سافل. وسفل في خلقه وعمله سفلاً، من باب قتل، وسفالاً؛ والاسم السفل بالضم. وتسفّل. خلاف جاد؛ ومنه قيل للأرذال سفلة، بفتح فكسر، وفلان من السفلة. ويقال أصله سفلة البهيمة، وهي قوائمها. ويجوز التخفيف.. والسفل خلاف العلو، بالضم، والكسر لغة؛ وابن قتيبة يمنع الضم. والأسفل خلاف الأعلى. وأنشد بعده: وهو الشاهد الرابع عشر بعد المائتين والأكرمين إذا ما ينسبون أبا هذا عجز، وصدره: سيري أمام فإن الأكثرين حصىً على أنه كان الظاهر أن يقول آباء بالجمع؛ وإنما وحّد الأب لأنهم كانوا أبناء أب واحد. وقوله: سيري فعل أمر للمؤنثة. وأمام بضم الهمزة: منادى مرخّم؛ أي: يا أمامة. وحصىً تمييز للأكثرين، وكذلك أبا تمييز للأكرمين. ومعنى الحصى العدد؛ وإنما أطلق على العدد لأن العرب أميون لا يقرؤون ولا يعرفون الحساب، غنما كانوا يعدون بالحصى فأطلق الحصى على العدد واشتق منه الفعل فقيل أحصيت الشيء، أي: عددته. وإذا: ظرف للأكرمين. وينسبون بالبناء للمفعول. والأكرمين معطوف على اسم إن، وخبرها قوم في البيت الذي بعده: وهو: قوم هم الأنف والأذناب غيرهم *** ومن يسوّي بأنف الناقة الذنبا قوم إذا عقدوا عقداً لجارهم *** شدّوا العناج وشدّوا فوقه الكربا وهذه الأبيات من قصيدة للحطيئة يمدح بها بغيض بن عامر بن لأي بن شمّاس بن لأي بن أنف الناقة، واسمه جعفر بن قريع بالتصغير بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم. ويهجو الزبرقان واسمه، حصين بالتصغير بن بدر بن امرئ القيس بن خلف بن بهدلة بن عوف بن كعب المذكور نسبه. وإنما لقّب جعفر بهذا، لأن أباه نحر جزوراً، فقسمها بين نسائه؛ فقالت له أمه - وهي الشّموس؛ من بني وائل بن سعد هذيم -: انطلق إلى أبيك فانظر هل بقي شيء من الجزور عنده؟ فأتاه فلم يجد إلا رأسها؛ فأخذ بأنفها يجرّه؛ فقالوا: ما هذا قال: أنف الناقة. فسمّي أنف الناقة. وكان آل شمّاس في الجاهلية يعيّرون به ويغضبون منه. ولمّا مدحهم الحطيئة بهذا - وإنما مدح منهم بغيض بن عامر - صار فخراً لهم. وأراد بأنف الناقة بغيضاً وأهل بيته. وأراد بالذنب الزبرقان وأهل بيته. قال ابن رشيق - في باب من رفعه الشعر ومن وضعه، من العمدة -: كان بنو أنف الناقة يفرقون من هذا الاسم، حتى إن الرجل منهم كان يسأل: ممن هو؟ فيقول: من بني قريع. فيتجاوز جعفراً أنف الناقة ويلغي ذكره فراراً من هذا اللقب. إلى أن قال الحطيئة هذا الشعر، فصاروا يتطاولون بهذا النسب ويمدذون به أصواتهم في جهارة. وقوله: قوم إذا عقدوا عقداً الخ، هذا البيت من شواهد أدب الكاتب عقد الحبل والعهد يعقده عقداً. والعناج، بكسر المهملة والنون والجيم: حبل يشدّ أسفل الدّلو العظيمة إذا كانت ثقيلة ثم يشدّ إلى العراقي فيكون عوناً لها وللوذم فإذا انقطعت الأوذام فانقلبت أمسكها العناج ولم يدعها تسقط في البئر؛ يقال: عنجت الدلو أعنجها عنجاً، من باب نصر؛ والعناج اسم ذلك الحبل؛ يقال: قول لا عناج له: إذا أرسل على غير رويّة. وإذا كانت الدلو خفيفة فعناجها خيط يشدّ في إحدى آذانها إلى العرقوة. والوذم: السيور التي بين آذان الدلو وأطراف العراقيّ. والكرب، بفتحتين: الحبل الذي يشدّ في وسط العراقيّ ثم يثنى ويثلّث ليكون هو الذي يلي الماء، فلا يعفن الحبل الكبير. يقال: أكربت الدلو فهي مكربة. والعراقيّ: العودان المصلّبان تشدّ إليهما الأوذام. وأراد الحطيئة أنهم إذا عقدوا عقداً أحكموه ووثّقوه كإحكام الدلو إذا شدّ عليها العناج والكرب. وليس هناك عناج ولا كرب في الحقيقة، وإنما هو تمثيل. ومطلع هذه القصيدة: طافت أمامة بالركبان آونة *** يا حسنه من قوام ما ومنتقبا واستشهد به المراديّ في شرح الألفية على أنّ من في التمييز زائدة، ولهذا صحّ عطف المنصوب على مجرورها. أي: ياحسنه قواماً ومنتقباً. وآونة: جمع أوان، كأزمنة جمع زمان، وقوله: يا حسنه، لفظه لفظ النداء، ومعناه التعجب، فيا للتنبيه لا للنداء؛ والضمير مبهم قد فسّر بالتمييز. والقوام، بالفتح ووهم من ضبطه بالكسر: القامة، يقال: امرأة حسنة القوام، أي: القامة. وما: زائدة. والمنتقب، بفتح القاف: موضع النقاب. وبعده بأبيات: إنّ امرأً رهطه بالشام منزله *** برمل يبرين جاراً شدّ ما اغتربا وأورده ابن هشام في أواخر الباب الخامس من المغني على أن أصله: ومنزله برمل يبرين؛ فحذف حرف العطف، وهو الواو؛ وبابه الشعر. ثم قال: كذا قالوا؛ ولك أن تقول الجملة الثانية صفة ثانية لا معطوفة. وقوله: امرأ، عنى الحطيئة بالمرء نفسه. وقوله: رهطه بالشام، جملة اسميّة صفة لاسم إنّ، وأراد: بناحية الشام؛ الحطيئة عبسيّ ومنزل بني عبس شرج والقصيم والجواء وهي أسافل عدنة؛ وكان الحطيئة جاور بغيض بن شمّاس المذكور، برمل يبرين وهي قرية كثيرة النخل والعيون بالبحرين بحذاء الأحساء، لبني عوف بن سعد بن زيد مناة، ثم لبني أنف الناقة. وإعرابها بالواو رفعاً، وبالياء نصباً وجرّاً، وربما التزموا الياء وجعلوا الإعراب بالحركات على النون، ويقال أيضاً: رمل أبرين، ولابن جنّي فيه كلام جيّد نقله ياقوت في معجم البلدان. وقوله: منزله برمل يبرين، جملة اسمية ثانية، إما معطوفة بالواو المحذوفة، وإما صفة ثانية لاسم إن. وجاراً: حال من المضمر المستقرّ في قوله: برمل يبرين، العائد على المنزل. وقوله: شدّ ما اغتربا، منصوب على التعجب، وما مصدرية، أي: ما أشدّ اغترابه، والجملة خبر اسم إن. ومثله قول جرير: فقلت للركب إذ جدّ المسير بن *** ما بعد يبرين من باب الفراديس وباب الفراديس من أبواب الشام. وإنما بسطت شرح هذا البيت، لأنه وقع في مغني اللبيب ولم يشرحه أحد من شرّاحه بشيء. وسبب مدح الحطيئة بغيضاً وهجو الزّبرقان، هو ما ذكره الأصبهاني في الأغاني أن الزبرقان قدم على عمر، رضي الله عنه، في سنة مجدبة ليؤدّي صدقات قومه، فلقيه الحطيئة بقرقرى، ومعه ابناه أوس وسوادة، وبناته وامرأته، قال له الزبرقان - وقد عرفه، ولم يعرفه الحطيئة -: أين تريد؟ فقال: العراق، فقد حطمتنا هذه السنة! قال: وتصنع ماذا؟ قال: وددت أن أصادف بها رجلاً يكفيني مؤنة عيالي وأصفيه مدائحي! فقال له الزبرقان: قد أصبته، فهل لك فيه يوسعك تمراً ولبناً، ويجاورك أحسن جوار، قال: هذا وأبيك العيش، وما كنت أرجو هذا كله! عند من؟ قال: عندي. قال: ومن أنت؟ قال: الزبرقان. فسيّره إلى أمه - وهي عمّة الفرزدق - وكتب إليها: أن أحسني إليه وأكثري له من التمر واللبن. وقال آخرون: بل سيذره إلى زوجته هنيدة بنت صعصعة المجاشعية، فأكرمته وأحسنت إليه؛ فبلغ ذلك بغيض بن عامر، من بني أنف الناقة، وكان ينازع الزبرقان الشرف، وكان الحطيئة دميماً سيئ الخلق فهان أمره عليها وقصّرت به؛ فأرسل إليه بغيض وإخوته: أن ائتنا. فأبى وقال: شأن النساء التقصير والغفلة، ولست بالذي أحمل على صاحبها ذنبها! وألحّوا عليه فقال: إن تركت وجفيت تحوّلت إليكم. وأطمعوه ووعدوه وعداً عظيماً، فدسّوا إلى زوجة الزبرقان أن الزبرقان يريد أن يتزوج ابنته مليكة - وكانت جميلة - فظهر منها جفوة. وألحوا عليه في الطلب فارتحل إليهم، فضربوا له قبة، وربطوا بكلّ طنب من أطنابها حلّة هجريّة وأراحوا عليه إبلهم وأكثروا عليه التمر واللبن. فلما قدم الزبرقان سأل عنه، فأخبر بقصته؛ فنادى في بني بهدلة بن عوف وركب فرسه وأخذ رمحه، وسار حتى وقف على القريعيين، وقال: ردّوا عليّ جاري! قالوا: ما هو لك بجار، وقد اطّرحته وضيّعته! وكاد أن يقع بين الحيين حرب. فاجتمع أهل الحجا. وخيّروا الحطيئة فاختار بغيضاً؛ وجعل يمدح القريعيين من غير أن يهجو الزبرقان - وهم يحرّضونه على ذلك وهو يأبى - حتى أرسل الزبرقان إلى رجل من النمر بن قاسط، يقال له دثار بن شيبان، فهجا بغيضاً وفضّل الزبرقان، فقال من جملة أبيات: وجدنا بيت بهدلة بن عوف *** تعالى سمكه ودجا الفناء وما أضحى لشمّاس بن لاي *** قديم في الفعال ولا رباء سوى أن الحطيئة قال قول *** فهذا من مقالته جزاء ولما سمع الحطيئة هذا، ناضل عن بغيض وهجا الزبرقان، في عدة قصائد؛ منها قوله: والله ما معشر لاموا امرأً جنب *** من آل لأي بن شمّاس بأكياس ما كان ذنب بغيض لا أبا لكم *** في بائس جاء يحدو آخر الناس لقد مريتكم لو أن درّتكم *** يوماً يجيء بها مسحي وإبساسي فما ملكت.. بأن كانت نفوسكم *** كفارك كرهت ثوبي وإلباسي حتى إذا ما بدا لي غيب أنفسكم *** ولم يكن لجراحي فيكم آسي أزمعت يأساً مبيناً من نوالكم *** ولن ترى طارداً للحرّ كالياس ما كان ذنب بغيض أن رأى رجل *** ذا فاقة عاش في مستوعر شاس جاراً لقوم أطالوا هون منزله *** وغادروه مقيماً بين أرماس ملّوا قراه وهرّته كلابهم *** وجرذحوه بأنياب وأضراس دع المكارم لا ترحل لبغيته *** واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي من يفعل الخير لا يعدم جوازيه *** لا يذهب العرف بين الله والناس ماكان ذنبي أن فلذت معاولكم *** من آل لأي صفاة أصلها راسي قد ناضلوك فسلّوا من كنانتهم *** مجداً تليداً ونبلاً غير أنكاس والجنب بضم الجيم والنون: الغريب. والبائس: هنا الحطيئة، وهو الذي لقي بؤساً وشدّة من الفقر، يقال: أصابت الناس سنة شديدة، وكان الحطيئة فيمن انحدر مع الناس، فلم يكن به من القوة أن يكون في أوّل الناس. وقوله: لقد مريتكم الخ، أي: طلبت ما عندكم؛ وأصله من مريت الناقة، هو أن يمسح ضرعها لتدرّ. والدرّة بالكسر: اللبن. والإبساس: صوت تسكّن به الناقة عند الحلب، يقول: بس بس. وقوله: فما ملكت بأن كانت الخ، يقول: لم أملك بغضكم فأجعله حيّاً. والفارك: المرأة المبغضة لزوجها. وقوله: كرهت ثوبي، أي: كرهت أن تدخل معي في ثوبي وأن تدخلني في ثوبها. وقوله: حتى إذا ما بدا لي الخ، أي: بدا لي ما كان غائباً في أنفسكم من البغضة. ولم يكن فيكم مصلح لما بي من الفساد وسوء الحال. والآسي: المداوي. وقوله: أزمعت يأساً الخ، هو من أبيات مغني اللبيب، أورده على أن بعضهم قال من متعلقة بيأساً، والصواب أن تعلقها بيئست محذوفة، لأن المصدر لا يوصف قبل أن يأتي معموله. والإزماع: تصميم العزم. والمستوعر: المكان الوعر. والشأس: المكان المرتفع الغليظ. والهون بالضم: المذلة. وغادروه، أي: تركوه كالميت بين أموات القبور. وقوله: ما كان ذنبي الخ، فلت بالفاء: ثلمت، والفلول: الثلم. والصفاة، بالفتح: الصخرة الملساء. أي: أردتموهم بسوء فلم تعمل فيه معاولكم. يقول: ما كان ذنبي! فإني مدحت هؤلاء لأنهم أشرف منكم ولهم مجد راس لا تطيقون إزالته. وقوله: قد ناضلوك الخ، النكس، بالكسر: السهم يقلب فيجعل أسفله أعلاه إذا انكسر طرفه. والمناضلة: المفاخرة. وأراد بالمجد القديم النواصي؛ وكانت العرب إذا أنعمت على الرجل الشريف المأسور جزواً ناصيته وأطلقوه، فتكون الناصية عند الرجل يفخر بها. وقوله: دع المكارم الخ، أورده الفراء في معاني القرآن في سورة هود، على أن الكاسي بمعنى المكسو، كما أن العاصم في قوله تعالى: {لا عاصم اليوم بمعنى المعصوم. قال: ولا تنكرن أن يخرج المفعول على فاعل، إلا ترى أن قوله من ماء دافق بمعنى مدفوق، وعيشة راضية بمعنى مرضية؛ يستدل على ذلك بأنك تقول: رضيت هذه المعيشة، ودفق الماء، وكسي العريان، بالبناء للمفعول، ولا تقول ذلك بالبناء للفاعل. ولما بلغ الزبرقان هذا البيت استعدى عليه عمر بن الخطاب، رضي الله عنه فقال: ما أراه هجاك، ولكنه مدحك. فقال: سل حسان بن ثابت. فسأله؛ فقال حسان: هجاه وسلح عليه! فحبسه عمر؛ فقال وهو في الحبس: ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ *** حمر الحواصل لا ماء ولا شجر ألقيت كاسبهم في قعر مظلمة *** فاغفر عليك سلام الله يا عمر ذو مرخ: اسم مكان؛ وأراد بالأفراخ أطفاله الصغار. وحمر الحواصل، يعني لا ريش لها وتكلم فيه عمرو بن العاص؛ فأخرجه عمر، فقال: إياك وهجاء الناس! قال: إذاً يموت عيالي جوعاً! هذا مكسبي ومنه معاشي! وعن زيد بن أسلم عن أبيه قال: أرسل عمر إلى الحطيئة - وأنا عنده؛ وقد كلمه عمرو بن العاص وغيره فأخرجه من السجن - فأنشده: ماذا تقول لأفراخ بذي مرخ فبكى عمر ثم قال: علي بالكرسي؛ فجلس عليه، وقال: أشيروا علي في الشاعر، فإنه يقول الهجو ويشبب بالنساء وينسب بما ليس فيهم ويذمهم، ما أراني إلا قاطعاً لسانه! ثم قال: علي بطست؛ ثم قال: علي بالمخصف، علي بالسكين، بل علي بالموس! فقالوا: لا يعود يا أمير المؤمنين؛ وأشاروا عليه أن قل: لا أعود. فقال: لا أعود يا أمير المؤمنين. وروى عبد الله بن المبارك: أن عمر رضي الله عنه لما أطلق الحطيئة أراد أن يؤكد عليه الحجة؛ فاشترى منه أعراض المسلمين جميعاً بثلاثة آلاف درهم. فقال الحطيئة في ذلك: وأخذت أطراف الكلام فلم تدع *** شتماً يضر ولا مديحاً ينفع وحميتني عرض اللئيم فلم يخف *** مني وأصبح آمناً لا يفزع وقد ترجمنا الحطيئة في الشاهد التاسع والأربعين بعد المائة. وأنشد بعده: وهو الشاهد الخامس عشر بعد المائتين فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة *** وابشر بذاك وقر منه عيونا على أنه يجوز جمع المثنى فيالتمييز إذا لم يلبس: إذا كان الظاهر أن يقال: وقر منه عينين وعيناً. لكنه جمع لعدم اللبس، ولأن أقل الجمع اثنان على رأي. وهذا البيت أحد أبيات خمسة لأبي طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم. وهي: والله لن يصلوا إليك بجمعهم *** حتى أوسد في التراب دفينا فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة *** وابشر بذاك وقر منه عيونا ودعوتني وزعمت أنك ناصح *** ولقد صدقت وكنت ثم أمينا وعرضت ديناً لا محالة أنه *** من خير أديان البرية دينا لولا الملامة وحذار مسبة *** لوجدتني سمحاً بذاك مبينا قال السيوطي في شرح شواهد المغني: أخرج ابن إسحاق، والبيهقي في الدلائل، عن يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس: أن قريشاً أتت أبا طالب فكلمته في النبي صلى الله عليه وسلم؛ فبعث إليه؛ فقال له: يا ابن أخي، إن قومك قد جاؤوني فقالوا كذا وكذا؛ فأبق علي وعلى نفسك ولا تحملني من الأمر ما لا أطيق أنا ولا أنت، فاكفف عن قومك ما يكرهون من قولك فظن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قد بدا لعمه فيه وأنه خاذله، فقال: يا عم، لو وضعت الشمس في يميني والقمر في يساري، ما تركت هذا الأمر حتى يظهره الله وأهلك في طلبه ؟ ثم استعبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكى؛ فلما ولى قال له - حين رأى ما بلغ من الأمر برسول الله صلى الله عليه وسلم -: يا ابن أخي امض على أمرك وافعل ما أحببت، فوالله لا أسلمك لشيء أبداً. وقال أبو طالب في ذلك هذه الأبيات انتهى. وقد أنشد الزمخشري هذه الأبيات عند قوله تعالى وهم ينهون عنه وينأون عنه من سورة الأنعام بناءً على القول بأنها نزلت في أبي طالب. وقوله: والله لن يصلوا إليك الخ، أنشد هذا البيت ابن هشام في المغني على أن القسم قد يلقى بلن نادراً. ونازعه الدماميني في الحاشية الهندية، بأنه يحتمل أن يكون مما حذف فيه الجواب لدلالة ما بعده عليه، تقديره: والله إنك لآمن على نفسك؛ فيكون قوله: لن يصلوا إليك الخ، جملة مستأنفة لا جواب القسم. وأوسد، بالبناء للمفعول: من وسدته الشيء: إذا جعلته تحت رأسه وسادة. ودفينا: حال من ضمير أوسد بمعنى مدفون. وقوله فاصدع بأمرك الخ، يقال: صدعت بالحق إذا تكلمت به جهاراً. وقيل في قوله تعالى: {فاصدع بما تؤمر أي: شق جماعاتهم بالتوحيد، وقيل: افرق بذلك بين الحق والباطل، وقيل: أظهر ذلك. وهو مأخوذ من قولهم: صدعت القوم صدعاً فتصدعوا، أي: فرقتهم فتفرقوا. وأصل الصدع الشق. وروي فانفذ بأمرك. والغضاضة، قال في الصحاح: يقال ليس عليك في هذا الأمر غضاضة، أي: ذلة ومنقصة. وفي المصباح: غض الرجل صوته وطرفه، ومن طرفه وصوته غضاً، من باب قتل: خفض؛ ومنه يقال غض من فلان غضاً وغضاضة: إذا تنقصه. وقوله: وابشر بذاك، أي: بعدم وصولهم إليك، وبظهور أمرك، وبانتفاء الغضاضة عنك، وبالمجموع؟ ويكون ذلك إشارة إلى ما ذكر. وابشر، بفتح الشين، لأنه يقال بشر بكذا يبشر، مثل فرح يفرح وزناً ومعنى، وهو الاستبشار أيضاً؛ والمصدر البشور، ويتعدى بالحركة فيقال بشرته أبشره، من باب قتل، في لغة تهامة وما والاها؛ والاسم منه البشر بضم الباء، والتعدية بالتثقيل لغة عامة العرب، كذا في المصباح. وقوله: وقر منه عيوناً، أي: من أجله. قال الطيبي: وإنما جمع العين، لأن المراد عيون المسلمين، لأن قرة عينه عليه الصلاة والسلام قرة لأعينهم. وهذا المعنى صحيح، إلا أن اللفظ لا يساعد. وهو تمييز محول عن الفاعل. قال ثعلب في فصيحه: وقررت به عيناً أقر بكسر العين في الماضي وفتحها في المستقبل؛ ومصدر الأول القر والقرور بضم أولهما، ومصدر الثاني القرار والقر بفتحهما. قال شارحه أبو سهل الهروي: قولهم: أقر الله عينك، معناه لا أبكاك الله فتسخن بالدمع عينك؛ فكأنه قال: سرك الله؛ ويجوز أن يكون صادفت ما يرضيك لتقر عينك من النظر إلى غيره. وأما قول بعضهم: معناه برد الله دمعتها، لأن الدمعة السرور باردة ودمعة الحزن حارة فإنه خطأ، لأن الدمع كله حار. وقوله: ودعوتني، أي: إلى الإيمان. وزعمت، أي: قلت؛ فإن الزعم أحد معانيه القول؛ وروي بدله. وعلمت فهو بضم التاء وثم بفتح الثاء إشارة إلى مقام القول والنصح والدعوة؛ وروي بدله: قبل بضم اللام، أي: قبل هذا. وقوله: وعرضت الخ، من زائدة على رأي من يقول بزيادتها في الإثبات، وتبعيضية، أي: من بعض الأديان الفاضلة. وديناً، الثاني، إما تمييز وإما تأكيد للأول. وقوله: لولا الملامة، أي: لولا ملامة الكفار لي. والحذار، بالكسر: المحاذرة. وسمحاً: منقاداً. ومبيناً: مظهراً، من الإبانة وهي ضد الإخفاء. وترجمة أبي طالب تقدمت في الشاهد الحادي والتسعين. وأنشد بعده: وهو الشاهد السادس عشر بعد المائتين وهو من شواهد سيبويه: ثلاثون للهجر حولاً كميلا وهذا عجز وصدره: على أنني بعد ما مضى على أنه فصل بالمجرور ضرورة بين التمييز وهو حولاً وبين المميز وهو ثلاثون. وأنشده سيبويه في باب كم، مع بيت بعده: وهو: يذكرنيك حنين العجول *** ونوح الحمامة تدعو هديلا قال الأعلم في شرح أبياته: الشاهد في فصله بين الثلاثين والحول بالمجرور ضرورة. فجعل سيبويه هذا تقوية لما يجوز في كم من الفصل عوضاً لما منعته من التصرف في الكلام بالتقدير والتأخير، لتضمنها معنى الاستفهام والتصدر بها لذلك. والثلاثون ونحوها من العدد لا تمتنع من التقديم والتأخير لأنها لم تتضمن معنى يجب لها به التصدر، فعملت في المميز متصلاً بها على ما يجب في التمييز. انتهى. وقوله: على أنني، متعلق بما قبله من الأبيات، لا بقوله يذكرنيك، كما زعمه شارح شواهد المغني، فإن يذكرنيك خبر أنني. والحول: العا، وقال صاحب المصباح: حال حولاً، من باب قال: إذا مضى؛ ومنه قيل للعام حول وإن لم يمض، لأنه سيكون حولاً، تسميةً بالمصدر؛ والجمع أحوال. والكميل: الكامل. وثلاثون فاعل مضى. والذكر متعد لمفعول واحد، يقال: ذكرته بلساني وبقلبي؛ والاسم ذكر بالضم والكسر، نص عليه جماعةً منهم أبو عبيدة وابن قتيبة؛ وأنكر الفراء الكسر في القلب وقال: اجعلني على ذكر منك بالضم لا غير. ويتعدى إلى مفعولين بالألف والتضعيف كما هنا، فإن الياء مفعول أول والكاف مفعول ثان. وحنين فاعله. ونوح معطوف عليه. والحنين: ترجيع الناقة صوتها إثر ولدها؛ هذا أصله، ومنه معنى الاشتياق. والعجول من الإبل: الواله التي فقدت ولدها بذبح وموت وهبة؛ وقيل: الناقة التي ألقت ولدها قبل أن يتم بشهر وبشهرين. ونوح الحمامة: صوت تستقبل به صاحبها؛ لأن أصل النوح المقابلة؛ وجملة تدعو حالم ن الحمامة. زالهديل، قال ابن قتيبة في أدب الكاتب: العرب تجعله - الهديل - مرة فرخاً تزعم الأعراب أنه كان على عهد نوح عليه السلام، فصاده جارج من جوارح الطير؛ قالوا: فليس من حمامة إلا وهي تبكي عليه. ومرةً يجعلونه الطائر نفسه. ومرةً يجعلونه الصوت. انتهى. فعلى الأول هو مفعول تدعو بمعنى تبكيه وترثيه؛ وكذلك على الثاني، بمعنى تطلبه ليسافدها، لأنه بمعنى الذكر. قال في العباب: الهديل: الذكر من الحمام، وقيل الحمام الوحشي كالقماري والدباسي. وعلى الثالث مفعول مطلق، وناصبه إما تدعو بمعنى تهدل، وإما فعل مقدر من لفظه، أي: تهدل هديلاً، مثل: هدر يهدر هديراً. وقال الجاحظ: يقال في الحمام الوحشي من القماري والفواخت والدباسي وما أشبه ذلك: هدل يهدل هديلاً، ويقال هدر الحمام يهدر. وقال أبو زيد: الجمل يهدر ولا يقال باللام.ولا يجوز على هذا أن ينتصب هديلاً على الحال من ضمير تدعو، لأن مجيء المصدر حالاً سماعي، ولا ضرورة هنا تدعو إليه. ومعنى البيتين: لم أنس عهدك على بعده: وكلما حنت عجول وصاحت حمامة وقت نفسي فذكرتك. وهما من أبيات سيبويه الخمسين التي لم يعرف لها قائل. ونقل العيني عن الموعب، أنهما للعباس بن مرداس الصحابي والله أعلم - وتقدمت ترجمة العباس في الشاهد السابع عشر - وكذا رأيته أنا في شرح ابن يسعون على شواهد الإيضاح لأبي علي الفارسي، منسوباً إلى العباس بن مرداس. وأنشد بعده: وهو الشاهد السابع عشر بعد المائتين وهو من شواهد س: تقول ابنتي حين جد الرحي *** ل أبرحت رباً وأبرحت جارا على أن رباً وجاراً تمييزان. قال ابن السراج في الأصول: وأما الذي ينتصب انتصاب الاسم بعد المقادير، فقوله: ويحه رجلاً، ولله دره رجلاً، وحسبك به رجلاً؛ قال عباس بن مرداس: ومرة يجمعهم إذا ما تبددو *** ويطعنهم شزراً فأبرحت فارساً قال سيبويه: كأنه قال: فكفى بك فارساً، وإنما يريد كغيت فارساً؛ ودخلت هذه الباء توكيداً. ومنه قول الآعشى: فأبرحت رباً وأبرحت جاراً وهذا البيت من قصيدة للأعشى، مدح بها قيس بن معد يكرب الكندي وكان الأعشى مدحه بقصيدة دالية، فقال له قيس: إنك تسرق الشعر؛ فقال له الأعشى: قيدني في بيت حتى أقول لك شعراً. فحبسه وقيده. فقال عند ذلك هذه القصيدة. وزعم ابن قتيبة أن القائل له إنما هو النعمان بن المنذر وهذا غير صحيح، بدليل قوله فيها: إلى المرء قيس نطيل السرى *** ونطوي من الأرض تيهاً قفارا ومطلع هذه القصيدة: أأزمعت من آل ليلى ابتكار *** وشطت على ذي هوى أن تزارا إلى أن قال بعد ثلاثة أبيات: وشوق علوق تناسيته *** بزيافة تستخف الضفارا بقية خمس من الراسم *** ت بيض تشبههن الصوارا دفعن إلى اثنين عند الخصوص *** وقد حبسا بينهن الإصارا فهذا يعد لهن الخل *** وينقل ذا بينهن الحضارا فكانت بقيتهن التي *** تروق العيون وتقضي السفارا فأبقى رواحي وسير الغدو *** منها ذؤاب جداء صغارا أقول لها حين جد الرحي *** ل أبرحت جداً وأبرحت جارا إلى المرء قيس نطيل السرى *** ونطوي من الأرض تيهاً قفارا فلا تشتكن إلي السفار *** وطول العنا واجعليه اصطبارا رواح العشي وسير الغدو *** يد الدهر حتى تلاقي الخيارا تلاقين قيساً وأشياعه *** يسعر للحرب ناراً فنارا قوله: وشوق علوق، أي: رب شوق، وهو مضاف إلى علوق. والعلوق بفتح المهملة: الناقة التي تعطف على غير ولدها فلا ترأمه وإنما تشمه بأنفها وتمنع لبنها. والعلوق أيضاً من النساء: التي لا تحب غير زوجها، ومن النوق: التي لا تألف الفحل ولا ترأم الولد. والزيافة: الناقة المسرعة، وقيل المتبخترة، من زاف يزيف زيفاً: إذا تبختر في مشيته.والضفار جمع ضفرة وضفيره، بالضاد المعجمة والفاء، وهي البطان المعرض؛ والبطان بالكسر هو للقتب الحزام الذي يجعل تحت بطن البعير، وهو بمنزلة التصدير للرحل. وقوله: بقية خمس، أي: تلك الزيافة بقية نوق خمس. والراسمات، من الرسيم وهو ضرب من سير الإبل السريع، وقد رسم يرسم رسيماً. وبيض: جمع بيضاء، أي: كريمة. والصوار، بضم الصاد وكسرها: القطيع من بقر الوحش؛ والجمع صيران. وقوله: دفعن إلى اثنين اخ، أي: دفع قرينه تلك النوق الخمس إلى رجلين عند الخصوص، وهو موضع قرب الكوفة. والإصار بكسر الهمزة، قال الصاغاني في العباب: والإصار والأيصر: حبل قصير يشد به في أسفل الخباء إلى وتد؛ وكل حبس يحبس به شيء ويشد به فهو إصار، قال الأعشى يصف النوق.. وأنشد هذا البيت. وقوله: فهذا يعد، أي: يهيئ. والخلا، بفتح الخاء المعجمة: الحشيش الرطب. والحضار، بفتح المهملة وكسرها وبعدها ضاد معجمة: الكرائم من الإبل، كالهجان: واحده وجمعه سواء. وقوله: فكانت، أي: تلك الزيافة. والسفار، بالكسر: المسافرة والسفر، وهما قطع المسافة. وقوله: فأبقى رواحي الخ، الرواح: مصدر راح يروح، وهو نقيض غدا يغدو غدواً. والذؤاب: جمع ذؤابة، بذال مضمومة بعدها همزة فموحدة، وهي الجلدة التي تعلق على آخرة الرحل. والجداء: جمع جدية، بالجيم، وهي شيء يحشى تحت دفتي السرج والرحل. أراد أنها لم يبق من ظهرها شيء من كثرة السير. ثم بعد وصف ضمرها ببيتين آخرين قال: أقول لها حين جد الرحيل أي: أقول لتلك الزيافة. وجد بمعنى اشتد. وأبرحت بكسر التاء خطاب للزيافة. قال أبو عبيد في الغريب المصنف: ما أبرح هذا الأمر: ما أعجبه. وأنشد هذا البيت. قال شارح أبياته ابن السيرافي: المعنى اخترت ربّاً وهو الملك، وجاراً عظيم القدر. وقيل أبرحت أعجبت قال صاحب الصحاح وتبعه صاحب العباب: وأبرحه، أي: أعجبه. وأنشد هذا البيت وقال: أي: أعجبت وبالغت. وأبرحه أيضاً بمعنى أكرمه وعظّمه.. وعلى هذا ف ربّاً مفعول به، وهو بمعنى المالك والسيد؛ والمراد به نفس الشاعر وممدوحه. وهذا هو الظاهر المتبادر من سوق الكلام. وقال صاحب العباب: ويروى: تقول له حين حان الرحيل أبرحت أي: تقول للأعشى الناقة: أبرحت بي في طلب ربك هذا الذي طلبته وعذّبتني وحسرتني انتهى. وعلى هذا فأبرحت معناه أصبتني بالبرح وهو الشدة والعذاب؛ ويكون رباً أصله في طلب ربك. ولا يخفى هذا التعسف، مع أن هذه الرواية غير ثابتة، وغير منسجمة مع ضمير الغائب. وقال ابن حبيب: يريد: تقول له ناقته: أعظمت وأكرمت، أي: اخترت رباً كريماً وجاراً عظيم القدر يبرح بمن طلب شأوه. وروي أيضاً - كما في الشرح: تقول ابنتي حين جدّ الرحيل وإنما روي، في كتاب س وفي نوادر أبي زيد، العجز مقروناً بالفاء هكذا: فأبرحت ربّاً وأبرحت جارا وتمّمه شراح شواهده بما ذكره الشارح. وهذه الرواية لا ارتباط لها بما بعدها، كما هو الظاهر. قال أبو عبيدة، كما في النوادر: أبرحت في معنى صادفت كريماً. وقال غيره: أبرحت بمن أراد اللحاق بك تبرح به فيلقى دون ذلك شدة. والبرح: العذاب والشدة، ومن ذلك برّحت بفلان انتهى. فالرب على الأول الممدوح، وعلى الثاني الصاحب. وقال النحاس: قال الأصمعي: أبرحت ربّاً، أي: أبلغت. وقال الأسعدي: أبرح فلان رجلاً: إذا فضله. وهذا كله على أن ربّاً مفعول به لا تمييز. وقال الأعلم: قوله: فأبرحت ربا الخ؛ الشاهد فيه نصب ربّ ودار على التمييز. والمعنى أبرحت من ربّ ومن جار، أي: بلغت غاية الفضل في هذا النوع. وصدر البيت: تقول ابنتي حين جدّ الرحيل أبرحت ربّاً والمعنى على هذا. أبرح ربك وأبرح جارك. ثم جعل الفعل لغير الرب والجار، كما تقول: طبت نفساً، أي: طابت نفسك. وهذا أبين من التفسير الأول؛ وعليه يدل صدر البيت. وأراد بالرب الملك الممدوح. وكل من ملك شيئاً فهو ربه. انتهى. وقال الشارح المحقق: أبرحت، أي: جئت بالبرح وصرت ذا برح؛ والبرح: الشدة. فمعنى أبرحت صرت ذا شدة وكمال، أي: بالغت وكملت رباً. فهو نحو كفى زيد رجلاً، أي: أبرح جار هو أنت.. فالرب على قول الأعلم الممدوح، وعلى قول الشارح نفس الشاعر؛ ومعنى البيت على هذا إنما هو بقطع النظر عما بعده وقبله؛ وإلا فلا يناسب السياق. والمقدار الذي أورده س، عجز للصدر الذي هو: أقول لها حين جد الرحيل والفاء من تصرف النسّاخ، فتكون التاء مكسورة، والمعنى على ما ذكره الأعلم - والله أعلم - وأورد قبله قول العباس بن مرداس السلمي: ومرة يحميهم إذا ما تبددو *** ويطعنهم شزراً فأبرحت فارساً قال الأعلم: المعنى فأبرحت من فارس، أي: بالغت وتناهيت في الفروسية - وأصل أبرحت من البراح، وهو المتسع من الأرض المنكشف - أي: تبين فضلك تبين البراح من الأرض. وترجمة الأعشى ميمون تقدمت في الشاهد الثالث والعشرين وترجمة قيس أيضاً تقدمت في الشاهد الثاني بعد المائتين. وأنشد بعده: وهو الشاهد الثامن عشر بعد المائتين يا جارتا ما أنت جاره على أن جارة تمييز، لأن ما الاستفهامية تفيد التفخيم، أي: كملت جارة. وهذا المصراع عجز؛ وصدره: بانت لتحزننا عفاره والبيت مطلع قصيدة للأعشى ميمون.. قال الشاطبي في شرح الألفية: أجاز الفارسي أن تكون جارة في هذا البيت تمييزاً، لجواز دخول من عليها، لأن ما استفهام على معنى التعجب، فجارة يصح أن يقال فيها: ما أنت من جارة؛ كما قال الآخر: يا سيداً ما أنت من سيد *** موطّأ الأكتاف رحب الذّراع وروى أوله أبو علي في إيضاح الشعر: بانت لطيّتها عراره *** يا جارة ما أنت جاره والطية، بالكسر وتشديد الياء التحتية: النية والقصد. وعرارة: امرأة وقال قبله في قول الشاعر: وأنت ما أنت في غبراء مظلمة الظرف حال، والعامل ما في قوله: ما أنت من معنى المدح والتعظيم، كأنه قال: عظمت حالاً في غبراء. وليس في الكلام ما يصح أن يكون عاملاً في الظرف غير ما ذكرنا، وإذا صح معنى الفعل - وذلك من حيث ذكرنا - كان قول الأعشى: جارة، في موضع نصب بما في ما أنت؛ كما ذكرنا. انتهى. ولا يصح أن تكون ما نافية كما زعمه العيني؛ لأن نصب جارة على التمييز إنما هو من الاستفهام التعجبي. وهذه عبارته: ما نافية وأنت مبتدأ وجارة خبر. ويروى: ما كنت جاره فهذا يؤكد معنى النفي. ويجوز أن تكون ما استفهامية في موضع الرفع على الابتداء، وأنت خبره، وجارة تكون تمييزاً والمعنى عظمت من جارة. انتهى. ولا يخفى أن المعنى ليس على النفي؛ وإنما هو على التعجب كما ذكره الجماعة. وبانت: من البين وهو الفراق. وقوله: لتحزننا يجوز فتح التاء وضمها، فإنه يقال حزنه يحزنه، وهي لغة قريش، وأحزنه يحزنه، وهي لغة تميم؛ وقد قرىء بهما. وحزن يأتي لازماً أيضاً، يقال: حزن الرجل فهو حزن وحزين، من باب فرح يفرح. وعفارة بفتح العين المهملة: اسم امرأة؛ وهي فاعل لأحد الفعلين على سبيل التنازع. وقوله: يا جارتا الخ، هو التفات من الغيبة إلى الخطاب. وجارة الرجل: امرأته التي تجاوره في المنزل.. وما: اسم استفهام مبتدأ عند س وأنت الخبر؛ وعند الأخفش بالعكس. وقال العيني: عفارة: امرأة يحتمل أن تكون هي الجارة وغيرها، فإن كانت عينها فقد اتنقل من الإخبار إلى الخطاب، والجارة هنا زوجته انتهى. والظاهر أن الجارة عي عفارة وأنها عشيقته فتأمل. ثم رأيت في شرح شواهد الإيضاح لأبي علي الفارسي لابن بري قال - وأنشد: يا جارتا ما أنت جاره وقبله: بانت لتحزننا عفاره ويروى: بانت لطيتها عفارة هو لأعشى بني قيس، والجارة هنا زوجه، قال ابن دريد والطية: المنزل الذي تنويه. وعفارة اسم امرأة ويحتمل أن تكون هي الجارة وغيرها؛ فإن كانت الجارة فقد انتقل من الإخبار إلى الخطاب. وقوله: يا جارتا، يريد يا جارتي، فأبدل من الكسرة فتحة فانقلبت الياء ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها؛ ويجوز أن تكون ألف الندبة، لما وصلها حذف الهاء، كأنه لما فقدها ندبها. وقوله: ما أنت جاره، ما نافية وأنت مبتد واسم ما، وجارة إما في موضع نصب خبر لما، وإما في موضع رفع خبر أنت. ويروى: ما كنت فهذا يؤكد النفي، كما قال تعالى ما هذا بشراً ويجوز أن تكون ما استفهاماً في موضع رفع بأنها خبر أنت، وجارة في موضع نصب على التغيير؛ أي: ما أنت من جاره. ويجوز أن تكون حالاً، والعامل فيها معنى الكلام، أي: كرمت جارة، ونبلت جارة. ويجوز أن تكون ما مبتدأ - وإن كانت نكرة - لما فيها من معنى التفخيم والتعجب، ولأنها تقع صدراً؛ غير أنه أوقعها على من يعقل، فكان الوجه ما بدأنا به. هذا كلامه برمته؛ وتعسفه ظاهر. وقال شارح آخر لأبيات الإيضاح: جلبه أبو علي شاهداً على أن جارة الموقوف عليها، يحتمل أن تكون تمييزاً لإمكان إدخال من عليها. ويحتمل أن تكون حالاً. ثم إنه أخذ جميع الكلام الذي نقلناه من ابن بري. وترجمة الأعشى تقدمت الحوالة عليها في البيت الذي قبل هذا. وبعد هذا البيت: أرضتك من حسن ومن *** دلّ تخالطه غراره وسبتك حين تبسمت *** بين الأريكة والستاره والغرارة بفتح المعجمة: الغفلى كالغرة بالكسر. والأريكة: السرير المزين؛ والجمع أرائك.
|